تسريح موظفين أمميين و دوليين بصنعاء
افادت مصادر بان عشرات الموظفين المحليين وبعض الموظفين الدوليين العاملين في وكالات أممية ومنظمات دولي...
نشرت صحيفة الأيام العدنية تقريرا في عددها الصادر اليوم الاثنين 10 فبراير 2025 ، فيما يلي نصه :
تقرير/ وهيب الحاجب:
بلغة الأرقام.. حكومة بن مبارك الأكثر فسادا من بين 4 حكومات عاصرت الصراع مع الحوثي
كيف انخفض راتب الموظف العادي من 266 إلى 27 دولار؟ وأين تذهب الفوارق المهولة؟
لغة الأرقام والوضع الكارثة الذي وصلت إليه المحافظات المحررة، تشير إلى أن حكومة د. أحمد عوض بن مبارك هي صاحبة أسوأ مراحل التدهور الاقتصادي في اليمن منذ انقلاب الحوثي عام 2014، حيث تسارع انهيار العملة المحلية "الريال" مقابل الدولار فوصل إلى مستويات غير مسبوقة، تزامن ذلك مع انهيار كلي لقطاع الكهرباء والماء وتفاقم أزمة الغاز والمشتقات النفطية والمرتبات، وهو انهيار يقول سكان بعدن أن المدينة لم تعرفه منذ قرن، لاسيما في قطاعي الماء والكهرباء، ما يعني أن حكومة بن مبارك غرقت اليوم بأضعاف الفساد الذي كان الرجل يتهم به نظام صالح من ساحة التغيير التي شارك فيها بن مبارك بقيادة ثورة أوصلته إلى سدة الحكم فتناسى أهدافها وداس على تضحيات شبابها.
شهدت اليمن خلال فترة صراع الشرعية مع الحوثيين أربع حكومات متعاقبة، هي: حكومة خالد محفوظ بحاح، حكومة أحمد عبيد بن دغر، حكومة معين عبد الملك، وحكومة أحمد عوض بن مبارك، تتفاوت هذه الحكومات في أدائها السياسي والاقتصادي، وتأثير ذلك على الفساد المالي والإداري وتدهور الخدمات وانخفاض قيمة العملة الوطنية. ورغم أن الانهيار الاقتصادي باليمن يعد حلقة متتالية وتراكمات وإرث إلا أن الوضع وصل مع حكومة بن مبارك إلى مرحلة انفلتت فيها كل ضوابط الفساد التي سار عليها سلفه فصادر فسادا مقننا يُمارس باسم الشرعية وتحت مظلتها.
شهد الاقتصاد اليمني خلال العقد الأخير انهيارًا غير مسبوق لقيمة الريال اليمني أمام الدولار الأمريكي، ما أدى إلى تدهور القوة الشرائية للمواطنين وانخفاض مستويات المعيشة بشكل حاد؛ ففي عام 2015، كان سعر الصرف عند 225 ريالًا للدولار، لكنه قفز إلى 2300 ريال بحلول 2025، ما يمثل تراجعًا حادًا بأكثر من 877 % خلال عشر سنوات. ورغم تعاقب الحكومات، لم يُتخذ أي إجراء حقيقي لمعالجة الأزمة رغم الضخ المهول والمنح المقدمة من السعودية والإمارات وكان لآخرها ما حظيت به حكومة بن مبارك من دعم والتزامات إقليمية ودولية رافقت تشكيل مجلس القيادة الرئاسي.
من خلال تتبع تطور سعر الصرف من عام 2015 حتى 2025، نجد أن الريال اليمني فقد أكثر من 97 % من قيمته خلال هذه الفترة. بينما كان الدولار في عام 2015 يعادل 225 ريالًا، أصبح اليوم يتجاوز 2300 ريال، إذ كان مسار انحدار الريال اليمني وفقًا لما يلي:
2015: 225
2016: 300
2017: 370
2018: 480
2019: 600
2020: 837
2021: 1700
2022: 1250
2023: 1520
2024: 2070
2025: 2300
عوامل الانهيار
طباعة العملة بدون غطاء نقدي
شهد عام 2017 بداية طباعة عملة جديدة من فئة 200 ريال دون غطاء نقدي، مما أدى إلى زيادة المعروض النقدي في السوق دون وجود احتياطي من العملات الأجنبية لدعمه، الأمر الذي تسبب في تآكل قيمة الريال بسرعة، ثم استمرت هذه السياسة في الأعوام التالية، مما عمّق من حدة الأزمة.
انقسام النظام المصرفي والعملة المزدوجة
منذ عام 2019، شهد اليمن انقسامًا في النظام المصرفي بين البنك المركزي في صنعاء والبنك المركزي في عدن، مما أدى إلى وجود عملتين مختلفتين في التداول، واحدة تُعتبر "قديمة" وأخرى "جديدة"، مما خلق حالة من الاضطراب النقدي وعمّق أزمة الثقة في العملة المحلية.. وكان سبب انقسام العملة خطأ فادح ارتكبته رئاسة الجمهورية عندما قام البنك المركزي في عدن بتوقيف أول حوالة من صنعاء إلى عدن بسعر مغاير لسعر الدولار في عدن فاشتكى الحوثيون إلى المجموعة الدولية التي قامت بالضغط على الرئاسة التي بدورها أجبرت البنك المركزي على تمرير الحوالة وتلاها في 36 يومًا اللاحقة 52 ألف حوالة أسست لفارق العملة بين صنعاء وعدن.
غياب السياسات النقدية الفعالة
تفتقر المؤسسات المالية التابعة للحكومة الشرعية إلى سياسة نقدية واضحة لمواجهة التضخم أو تثبيت سعر الصرف. في معظم الدول التي تواجه أزمات مماثلة، يتم اللجوء إلى إجراءات مثل رفع أسعار الفائدة أو التحكم في المعروض النقدي، لكن اليمن لم يشهد أي تحركات جادة في هذا الاتجاه.
انخفاض الاحتياطات النقدية من العملات الأجنبية
بسبب الحرب وتوقف الصادرات النفطية وانخفاض التحويلات المالية من الخارج، تراجعت الاحتياطات النقدية الأجنبية بشكل كبير، مما جعل البنك المركزي غير قادر على التدخل لدعم الريال في سوق الصرف.
التأثير على معيشة المواطنين
انخفاض القدرة الشرائية للرواتب
في 2015، كان راتب الموظف العادي الذي يتقاضى 60 ألف ريال يساوي 266 دولارًا، أما في 2025، فأصبح في عهد حكومة أحمد بن مبارك يعادل 27 دولارًا فقط، أي أن القوة الشرائية انخفضت بحوالي 90 %. هذا يعني أن المواطن الذي كان قادرًا على تأمين احتياجاته الأساسية أصبح اليوم غير قادر على شراء حتى الضروريات الأساسية مثل الغذاء والدواء والسكن.
تراجع إجمالي إنفاق الحكومة على الرواتب
إذا كانت الحكومة في 2015 تدفع ما يعادل 266 مليون دولارًا شهريًا على الرواتب، فإنها اليوم تدفع 27 مليون دولار فقط، أي بفارق 239 مليون دولار شهريًا، ما يطرح تساؤلات حول مصير هذه الأموال، خاصة أن الإيرادات العامة لم تشهد تحسنًا ملحوظًا، بل إن الإنفاق الحكومي الفعلي أصبح أكثر ضبابية، ضف إلى ذلك أن المشاريع الحكومية كالطرقات والبنى التحتية التي كانت تُمول من ميزانية الدولة توقفت تماما وأصبحت الميزانية موجهة بشكل شبه كلي نحو المرتبات، فالإيرادات وعوائد المبيعات النفطية تورد إلى البنك المركزي وحسابات الحكومة في البنوك التجارية بالعملة الصعبة "الدولار" في حين المرتبات وهيكل الأجور عند مستواه منذ العام 2014، ما يعني بالتالي أن ارتفاع سعر الدولار إما أن يرافقه زيادة في المرتبات أو فارق كبير وفائض في هذا البند.
مظاهر فساد حكومة بن مبارك:
اختفاء الفارق المالي الهائل من قيمة الرواتب يثير أسئلة خطيرة عن حجم الفساد في الحكومة، خاصة مع وجود تقارير عن سوء إدارة ونهب الاحتياطات النقدية.
استيراد المشتقات النفطية وتلاعب قوى النفوذ بالاعتمادات المستندية زاد من معاناة الاقتصاد وأدى إلى مضاعفة أسعار الوقود، ما أثر بشكل مباشر على أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية.
من أبرز مظاهر فشل حكومة بن مبارك هو الانهيار الكامل لقطاع الكهرباء والماء، إذ أصبحت الكهرباء نادرة في معظم محافظات الجنوب والعاصمة عدن بشكل خاص، بينما انقطع الماء عن العديد من المدن لفترات طويلة. هذا الانهيار لم يكن نتيجة لنقص الموارد المالية فحسب، بل كان أيضًا نتيجة لسوء الإدارة والفساد.
ختامًا.. حكومة أحمد عوض بن مبارك لم تفشل فقط في وقف التدهور الاقتصادي، بل ساهمت في تسريع انهيار العملة وزيادة معاناة المواطن العادي، يقابله إثراء غير مشروع لمسؤولين ونافذين، مما يجعل الأزمة الاقتصادية جزءًا من صراع سياسي أوسع قد يكتب نهاية الشرعية بأيدي رجالها..!!