وديعة يا محسنين !!
العملة المحلية تنهار خلال الساعات بل اقل من ذلك، ومعها تنهار معيشة الناس ووصل حال الناس للاغما...
تهل علينا هذه الأيام ذكرى مرور 59عاماً لثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة التي انطلقت مقاومتها في العام 1963م من على قمم جبال ردفان.. هذه الثورة الأكتوبرية هي امتداد لثورة سبتمبر الظافرة ضد الإمامة الكهنوتية، فقيامها شجع جذوة الانعتاق من رقبة المستعمر الأجنبي البغيض.. وشحذ همم الشباب المناضل في مختلف بقاع الجنوب اليمني لمقاومة المحتل وكانت أكثر ضراوة في عدن الحبيبة مركز الاستعمار..
وبرغم من أن الاحتلال البريطاني مارس سياسة إستعمارية بغرض الاستيطان والبقاء أطول فترة ممكنة من خلال تطوير مدينة عدن على أسس حضارية وأنشأ فيها مراكز اقتصادية كميناء عدن ومطار عدن والمصافي كأكبر مصفاة في الشرق الأوسط والمستشفيات الحديثة كمستشفى الملكة إليزابيث " الجمهورية حالياً" ومستشفى المصافي ومراكز صحية وطرق وحاول الوصول بخدماته إلى محميات عدن حيث أنشأ بأبين محلج القطن ومصنع زيوت بمنطقة الكود شرق مدينة زنجبار وشجع المزراعين على زراعة القطن.. وفي لحج وحضرموت وغيرها..
كل هذه المشاريع والخدمات لم يمنع الثوار أو يثبط عزيمتهم فواصل الأحرار نضالهم ومقاومتهم للمحتل الأجنبي.
وقد سبقت ثورة 14 أكتوبر 1963م إرهاصات من المقاومة والصراع مع المحتل وانتفاضات ضد وجوده وقواته المحتلة كانتفاضة الـ " الربيزي" في شبوة ومقاومة في الضالع.. وفي جبال فحمان في مودية..
والحملة العسكرية على منطقة النخعين الفضلية في المسحال بأبين حيث طالبت بريطاني قبيلة النخعين بتسليم أسلحة اشترتها من البيضاء حيث قتل قائد الحملة المستر "ديلي"، وسقط أثناء الحملة شهيد وثلاثة جرحى وانسحبت الحملة العسكرية خائبة تجر أذيال الهزيمة..
هذه المقاومة للمستعمر والمحتل الأجنبي التي سطر فيها أجدادنا واباؤنا أروع الملاحم البطولية في الفداء هي من أجل العيش بحرية وكرامة دون وصاية أو هيمنة وبناء دولة مستقلة تحترم الإنسان وخياراته، وتسخير موارده في البناء والتنمية، وتحسين حياة الشعب..
أهداف الثورة التي قادها الأبطال والمناضلون والأحرار انحرف عنها مجموعة من الأشخاص بشعارات "الثورة التحررية" ظاهرياً وهي في الأصل تسليم القرار الوطني لقوى أجنبية "مهيمنة" ومارسوا أخطاءً لا تقل فداحة عن ممارسة المحتل ورهنوا الوطن لقوى أجنبية اختزلت الثورة والدولة في مجموعة من الشعارات الجوفاء لم تستطع النهوض بالوطن والاستفادة من قدرات شعبه بمختلف مكوناتهم ومشاربهم السياسية والفكرية.. وحاولت صبغ المجتمع والدولة بصبغة سياسية دكتاتورية..(يسارية إنتهازية ).
وبرغم الموقع الاستراتيجي لليمن والجنوب تحديداً والمخزون الطبيعي لكثير من الثروات تاهت الدولة في صراعات السلطة والنفوذ والايدلوجيا المغلفة بالمناطقية..وكانت دولة فاشلة بالمعايير الوطنية والرقي والتقدم.
واليوم بعد مرور 59 عاماً من هذه الثورة المباركة حريٌ بنا استلهام أهدافها ومراجعة الأخطاء وتصحيح المسار خاصة بعد زيادة الوعي الجمعي لغالبية المجتمع.. بأن استقلال قرارنا الوطني وعدم سلبه من أية قوى أو أطماع هي الكفيلة بتطورنا ورفعتنا وعزتنا..
تابعت كغيري البيان الصادر من القيادي الوزير السابق للداخلية رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام الجنوبي المهندس أحمد بن أحمد الميسري وهو يشير في بيانه [ أن استقلال وسيادة وطننا لم يتحقق إلا بتضحيات جسيمة، ولا مهادنة ولا تهاون مع ما يمس سيادتنا واستقلالنا، فالتفريط فيهما خيانة لثورة أكتوبر وتضحيات نضال شعبنا اليمني ]
وهذا ما يدعونا للتعلم من الماضي القريب حيث كان "الاتحاد السوفيتي" (المنحل) مهيمن على النظام الماركسي في جنوب اليمن منذ تقريباً العام 1978م وماقبله ما سميت الخطوة التصحيحة بالانقلاب على الرئيس قحطان الشعبي الاتجاه للنظام اليساري الأيدولوجي الدكتاتوري" دكتاتورية البروليتاريا" ومارس النظام اليساري في جنوب اليمن العنف والقتل والتشريد لقطاع كبير من أبناء الوطن كقوى معارضة لتوجهه الأيدلوجي الجديد.
ما تضمنه بيان الميسري عن ثورة أكتوبر يجول بخاطر الكثير من الأحرار والقوى الوطنية الحرة والبعض منها فضل الصمت..
فتحية للمهندس والقائد أحمد الميسري الذي يذكرنا في بيانه [ بأن أي احتلال أو أطماع خارجية، كانت تجند لها أيادٍ رخيصة من أبناء الدول والشعوب المستهدفة بالأطماع الاستعمارية، ولن نسمح بأي حال لضعاف النفوس والمرتهنين أن يكونوا جسر عبور لإعادة الاستعمار من جديد مهما كانت جنسيته وبأي شكل كان.]
كما أكد في بيانه على [حرص اليمن كدولة وشعب على بناء علاقات وثيقة قائمة على الاحترام والمصالح المتبادلة مع جيرانه وأشقائه وكافة دول وشعوب العالم، بما في ذلك بريطانيا التي تتحمل كباقي المجتمع الدولي، جزء كبير من المسؤولية على ما تعانيه اليمن اليوم ]
هذه الكلمات المقتبسة من بيان الميسري هي نبراس نهتدي به وخارطة طريق لن يتنازل عنها أحرار اليمن في جنوبه وشماله فلن يقبلوا الضيم والالحاق للكهنوت الإيراني أو القوى التي تريد أن تتحكم في إرادة الشعوب، وصناعة من تامرهم لتنفيذ أجنداتها وتحقيق مصالحها وأطماعها على حساب الشعوب وحريتها واستقلال قرارها الوطني أو وصاية أو إملاء ..
فالشعوب الحرة لا تستسلم وهي من تصنع النماء والازدهار والتفوق للأوطان ووضع لها مكانتها بين دول وشعوب العالم.
فتحية أكتوبرية للقائد الميسري الذي أنصف هذه الثورة التحررية وأهدافها النبيلة.
خالد دهمس