إلى فخامة الرئيس رشاد العليمي
د. احمد الدياني
في هذا العام الجديد ونحن نتابع الأوضاع الصعبة التي تعصف ببلادنا من كافة الجوانب، لا يمكننا إلا أن نش...
وانتهت أعظم كأس عالم في التاريخ، البطولة التي وددنا أنها لم تنتهي فقد عشنا معها كل اللحظات الدرامية وغمرتنا فيها كل المشاعر، بطولة لم تكن كأي بطولة كأس عالم فقد كانت استثنائية بكل ماتحمله الكلمة من معنى، بطولة لن تكفي وصفها الكلمات ولن يلخص تفاصيلها حتى كتاب، ابهرتنا فيها قطر بحسن تنظيمها والوقوف على أدق التفاصيل فيها لم تترك شيء فيها للصدفة فكان لكل شيء فيها حساب وقبل كل خطوة تخطيط مدروس.
ردت قطر على كل المشككين في قدراتها وكأنها كانت تقول لهم الرد في الميدان فكانت أفعالها أبلغ من الأقوال، حافظت فيها قطر على هويتها وهويتنا جميعاً كمسلمين وعرب وعلى ارثنا وعاداتنا وتقاليدنا بل وابرزتها وصدرتها للعالم لتقول نحن هكذا كما تشاهدون لا كما تسمعون وتقرأون، حطمت تلك الصورة النمطية التي أرادت بعض الدول وبعض وسائل الإعلام رسمها وتسويقها لمواطنيها فقلبت السحر على الساحر
أبهرت قطر العالم بهذه النسخة التاريخية فلم تكن ردود فعل ضيوف قطر بعيدة عن الذهول والانبهار بما صنع في قطر وما خطط له في هذه البطولة.
ولأن التفاني والإتقان كان السمة البارزة وكان العمل بإخلاص من أجل الهدف الأسمى في خدمة أن تكون البطولة الأفضل تاريخيا جرت أحداث هذه البطولة ومجريات مبارياتها وادوارها مثلما يتمناه أي عاشق للساحرة المستديرة، فكان للمفاجئات ركن رئيس، وكان للإثارة سقف مفتوح، فقد كنا في وسط دائرة الجنون الكروي في بعض مبارياتها ، وتملكتنا المشاعر بكل صنوفها، تألق من فكر في التألق وخاب مسعى من حاول توظيف أشياء أخرى بعيدة عن كرة القدم فكانت رحلتهم الى قطر قصيرة المدة.
في النهاية توجت الأرجنتين باللقب على حساب فرنسا في نهائي لم يسبق له مثيل، فقد كان هو الأجمل في تاريخ البطولة بشهادة الجميع، فهو القدر الذي أنصف وكافئ قطر مثلما أنصفت كرة القدم ليونيل ميسي، نهائي سيبقى خالدا في اذهان من عاشه أو حتى من سمع عنه من بعيد لأن مثل هذه المباريات لاتتكرر الا فيما ندر مابالكم لو كانت في نهائي كأس عالم.
إن آخر بطولة تقام في بلد واحد بنظام 32 منتخب في قطر هي خير وداعية لهذه الحقبة من نسخ كأس العالم، وستبقى هذه النسخة محفورة في ذكريات عشاق الساحرة المستديرة حتى اولئك المكابرين في البداية خضعوا لحقيقة أنها أفضل كأس عالم، وسلموا أن قطر نجحت باقتدار وغازلت الخيال فحولته الى واقع معاش، فهذه البطولة كانت مبهرة في كل شيء، تحطمت فيها الكثير من الأرقام وكتب تاريخ جديد يصعب الوصول اليه في المستقبل القريب.