علي ناصر محمد هل لا زال رئيساً؟!

شرارة الحرب الأهلية عام 1986 لم تشعلها أطراف الحرب الجنوبية، بل من أشعلها وأججها كان تيار يحمل الجنسية الجنوبية، هذا التيار من أصول تنتمي إلى الهضبة الشمالية وتوالي نظام الحكم في صنعاء.

 

ما الحقيقة تم تغييبها واخفاءها؟؟

نظام صنعاء كان له يد وهو من أشعل فتيل الحرب الأهلية في الجنوب وفي كل الحروب التي تلتها، وحتى اليوم يظل نظام صنعاء هو من يشعل فتيل الحروب ويقف يشاهد الضحايا تكتوي بنيرانها.

علي ناصر محمد تنبه لهذه الأيادي التي دست السم في العسل، وقرر وقف الاقتتال والانسحاب من المعركة، مع أنه يمتلك من القوة العسكرية ما يمكنه من جعل رحى الحرب تطحن الدولة الجنوبية لسنوات طويلة، لكنه لم يكن يريد ولا يرغب في استمرار الحرب الأهلية وقد رأى الدمار الذي خلفته في أيامها الأولى.

 

من هو علي ناصر محمد

هو أحد أهم فلاسفة الثورة ومفكريها فهو من أرسى دعائم الفكر التحرري من كهنوت الرجعية المقيتة في وجهها الكئيب تحت عباءة الاقطاعيين من السلاطين والمشائخ.

 

لقد كانت ثورة أكتوبر المجيدة أول ثورة عربية حقيقية تحمل فكر ثوري مشابهة لفكر الثورة الفرنسية، فقد كانت بقية الثورات العربية عبارة عن انقلابات يقودها الجيش ضد أنظمة ملكية رجعية بوصف الثوار، إلا أنها هذه الأنظمة الملكية في الأقطار العربية كمصر وليبيا والعراق واليمن المتوكلي، كانت محافظة على تماسك جغرافيا الأراض التي تحكمها في دولة واحدة وأسست أنظمة ودواوين تسير مصالحها، فكان قيام قادة عسكريين ثوريين في هذه الأقطار العربية تطالب بالنظام الجمهوري يعد أمراً سهلاً جداً، لأنه لا توجد أعباء تثقل كاهل الدولة التي ستتحول من نظام ملكي إلى جمهوري سوى بعض الاصلاحات الدستورية فقط فالدولة بالأساس موحدة اجتماعياً وسياسياً وعسكرياً.

 

لكن بالمقابل في جنوب الجزيرة العربية هناك معضلة كبيرة، فهناك 23 سلطنة ومشيخة لكل منها نظامها الخاص وسلطتها المستقلة وقوتها العسكرية ولديها هيكل سياسي منفصل ودساتير عرفية مختلفة وتحت رعاية المستعمر الذي وضعها تحت وصاية الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، فكانت ثورة أكتوبر المجيدة أول ثورة حقيقية.. ثورة شملت كل مناحي الحياة الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية وغيرها، فكانت ثورة حقيقية وحدت تحت مظلتها 23 كيان منفصل وصهرت هذه الكيانات في دولة واحدة استغرق خمس سنوات من العمل الثوري، وكان هذا رقماً قياسياً مقارنة بالثورة الفرنسية التي غيرت وجه فرنسا في فترة أطول ما يقارب العشر سنوات.

 

قادة ثورة أكتوبر

كانوا مدركين للبعد العقائدي لأي ثورة فيجب على الثورة الوليدة أن يصاحبها توعية شاملة لكل أطياف الشعب وأن تصحح المفاهيم ويؤسس لمفاهيم ثورية جديدة وقد نجح الثوار في غرس المفاهيم الثورية فكان الشعب في جنوب الجزيرة العربية يؤمن بالثورة ويتكلم بلسانها ومستعد للتضحية لأجلها، وهذا انتصار كبير لم يتحقق في أي ثورة في المنطقة العربية.

 

ثورة أكتوبر المجيدة

كان لها سياسيين ومفكرين جهابذة ويعد الرئيس علي ناصر محمد أحد الشخصيات الفكرية التي أسست لفكر الثورة ونظرت لها، ولا يزال الرئيس ناصر إلى اليوم يُشيد الفكر الثوري للأجيال ويبني حصناً فكرياً يحمي مفاهيم التحرر والشراكة، ولا يزال الشعب ينتظر كلمات ناصر المقيم خارج الوطن.. فحين يلقي ناصر خطاباً تتناقله المنصات الإخبارية ويردده المثقفون في الملتقيات والسياسيين في الاجتماعات والمواطنين في مدنهم وقراهم، ويروي الثوار والمحاربين القدامى للأجيال الجديدة ما حدث في الماضي حين كانت الثورة في أوج عنفوانها تلك الفترة من الازدهار كانت فيها دولة الجنوب من أفضل الدول في المنطقة من حيث التعليم والصحة والأمن والنظام وسيادة القانون وغيره من وجوه الرقي الذي اكتسبته الدولة الجنوبية.

 

لا تزال شريحة كبيرة من الشعب تتذكر فترة الازدهار تلك والتي كانت قمتها في فترة حكم الرئيس علي ناصر محمد ويتمنى الشعب أن تعود تلك الطفرة التي نقلت المجتمع من مجتمع زراعي إلى مجتمع صناعي يعيش حياة تقارن بالدول المتقدمة في ذلك الوقت.

بعض ممن عاصروا تلك الفترة يتوقون لعودة رئيسها بل لا يزال من يؤمن أن علي ناصر محمد لا زال رئيساً حتى اليوم، النفس البشرية للإنسان تصنع له متنفساً ومهرباً نحو الماضي يلجأ إليه الإنسان من ضيق العيش الذي وصل إلى كل بيت في أرض الوطن.

 

سيظل أعظم أنجاز لقادة ثورة أكتوبر المجيدة هو توحيد التراب الوطني تحت راية عربية جنوبية مستقلة...

الرئيس علي ناصر محمد لا زال رئيساً حتى اليوم في وجدان الثورة والشعب.

مقالات الكاتب