بنوك صنعاء مهددة بالعقوبات الامريكية ماذا يحدث
قال الصحفي نسيم البعيثي:نحذر البنوك في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية من استمرار دعمها للجماعة...
إعداد / د. الخضر عبدالله :
عدن والكويت
يواصل الرئيس علي ناصر محمد حول حديثه عن عدن والعلاقات الخارجية ، وفي هذا اللقاء يتطرق إلى العلاقة بين اليمن الديمقراطي ودول الخليج وبالاخص الكويت ..حيث يروي ويقول :" في فبراير من عام 1981 م قام أمير دولة الكويت سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح بأول زيارة له لعدن. لكن قبل أن أدخل في أجواء تلك الزيارة، لا بد لي من الولوج إلى تاريخ العلاقات اليمنية الجنوبية - الكويتية.كان البحارة الكويتيون منذ القرن الثامن عشر يطوفون ويركبون البحار بسفنهم الشراعية التي تسمى «البوم» بحثاً عن الرزق واللؤلؤ، ويحطون في الموانئ اليمنية الجنوبية، ويُستقبلون بحب وهم يبيعون أشياءهم للسكان المحليين، وكان عدد منهم يعيشون في عدن.. كان ذلك قبل اكتشاف النفط، وقبل أن تصبح الكويت دولة غنية ومؤثرة في منطقة الخليج بالرغم من صغرها. عندئذ انعكست الآية، وصار اليمنيون الجنوبيون هم الذين يذهبون أو يهاجرون إلى الكويت، وخاصة الحضارم والمهريين، بحثاً عن أحلام الثروة. تلك هي لمحة وإشارة سريعة عن علاقة اليمن الجنوبي بالكويت التي اختارها المهاجرون اليمنيون مكاناً لإقامتهم الجديدة قبل أن تقتلعهم من هناك حرب الخليج الثانية عقب الاجتياح العراقي لدولة الكويت الشقيقة كما لو كانت عاصفة تقتلع كل شيء، أو إعصاراً لا رادّ له.
الشعب الكويتي ووقوفه مع ثورة اليمن
ويسترسل الرئيس ناصر في حديثه و يقول:" الحقيقة أن علاقة اليمني بالكويتي لم تكن علاقة عامل بربّ عمله، بالرغم مما في ذلك من مصلحة للطرفين أفراداً أو جماعات، بل أصبحت ضرورة إنسانية حضارية لا يمكن إهمالها بتأثيرات الدين والثقافة والفن والسياسة وكل ما يمكن أن ينتج من ذلك من مشاركة. ولذلك ليس من الغريب أن يكون الشعب الكويتي أول من وقف إلى جانب الثورة المسلحة في اليمن الجنوبي، وشكل لجاناً لمناصرة ثورتنا. كان ذلك بتأثير من حركة القوميين العرب والنشاط القومي الدؤوب الذي مارسه الأستاذ أحمد الخطيب زعيم الحركة في الكويت، وكذلك بفعل وجود فرع للحركة في أوساط اليمنيين المقيمين فيها، بالإضافة إلى الفلسطينيين المقيمين في الكويت، والصحافة الكويتية التي اتخذت لنفسها منذ نشأتها منهجاً قومياً يتعدى في مراميه وتطلعاته الوطن الكويتي، حيث دعمت قضية الجنوب اليمني المحتل وقضايا التحرر في المنطقة، وبرزت في مجلس الأمة الذي تأسس عام 1961 عناصر كانت تساند القضايا العربية والفلسطينية ومنها قضية شعبنا في الجنوب. قدمت الكويت مساعدات قيّمة إلى الثورة أثناء حرب التحرير وحتى نيل الاستقلال. وبعد الاستقلال بدأت مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين الشقيقين. قدمت الكويت إلى الدولة الجديدة في البداية مساعدات سنوية مجاناً على هيئة مدارس ومستشفيات تمولها «الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي» التي كان يرأسها الأستاذ أحمد السقاف ، وهي هيئة مستقلة مرتبطة بوزير الخارجية، مهمتها تقديم العون والمساعدة إلى اليمن شمالاً وجنوباً والبحرين والإمارات، إضافةً إلى السودان، كذلك أنشأنا علاقات تعاون مع «صندوق التنمية الكويتي» برئاسة عبد اللطيف الحمد. وأقيمت مشاريع زراعية وصناعية وطرقات ومشاريع سكنية على حساب دولة الكويت.
احتجاج السعودية على مطار الريان
ويتابع الرئيس ناصر قائلا :" أذكر أنه عندما بدأ الإعداد لتطوير مطار الريان على ساحل المكلا بحضرموت، احتجّت السعودية على المشروع، مثيرة أن المطار يقع قريباً من حدودها ويشكل خطراً على أمنها. وقد طلبت منا دولة الكويت التي كانت تمول المشروع تفسيراً لهذا الأمر، وإلا فسوف تتوقف عن تمويل المطار. وأكدنا للكويتيين أن المطار يستخدم لأغراض مدنيةـ فضلاً عن أنه يقع على شاطئ بحر العرب، وهو بعيد عن حدود المملكة التي أثارت الاحتجاج على إقامته، فاستمرت في تمويل المشروع، وقدم «مطار الريان» كثيراً من الخدمات إلى المغتربين والاقتصاد الوطني.
الزيارة الأولى
ويواصل الرئيس ناصر في حديثه وقال :" في الفترة ما بين 11-14 مايو 1974 م ، قمت بزيارتي الأولى لدولة الكويت... كنت حينذاك رئيساً للوزراء، وذلك بدعوة من سمو ولي العهد وقتذاك الشيخ جابر الأحمد الصباح قبل أن يصبح أميراً للبلاد. وقد ارتبطت به بعد ذلك بعلاقات رسمية وشخصية حين أصبح أميراً للكويت وأصبحت رئيساً لليمن الديمقراطية.
خلال الزيارة قابلت الشيخ صباح السالم أمير الكويت، وتدارسنا معاً الأوضاع العربية والدولية، خصوصاً ما يتعلق منها بالقضايا التي تهم البلدين، وأعربنا عن الأمل في أن تتجه الجهود العربية في سبيل استتباب الاستقرار في منطقة الخليج العربي، وإلى مواجهة الأطماع الأجنبية في هذه المنطقة وتحقيق أماني شعوبها في التقدم والرخاء، وأولينا كثيراً من الاهتمام في المحادثات للعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين.
بنتيجة زيارتي تلك استقبلت في 24 يوليو 1974م الأستاذ أحمد السقاف السفير المتجول في وزارة الخارجية الكويتية، الذي أبلغني موافقة دولة الكويت على بناء دار للمكتبة الوطنية في عدن، وأن المشروع في بناء المكتبة سيبدأ بعد ستة أشهر من تاريخه. أصبحت المكتبة الوطنية التي حملت اسم الفقيد عبد الله باذيب من مجموعة الصروح التي تسهم في تنمية عناصر الثقافة وحفظ تراث الشعب وتاريخه وأعرافه وعاداته وتقاليده وآدابه... وعندما سألتني صحيفة (السياسة) الكويتية في عام 1976م عن الدعم الكويتي أجبت بأن «بلادنا لن تنسى الدعم الأخوي الذي قدمته دولة الكويت، ولن ننسى كذلك ما قدمه الشعب الكويتي الشقيق من مساعدة لنضال شعبنا خلال مرحلة النضال من أجل الاستقلال الوطني». وكنت في 21 أكتوبر 1976م قد حضرت حفلة لتسلم عدد من المستشفيات التي أنشأتها الكويت على حسابها في كل من المنصورة والحوطة وطور الباحة ومودية. وجرى الاحتفال الرئيس في المنصورة بحضور سالم معدان مدير مكتب الخليج والجزيرة في عدن، وبلغ عدد المشاريع التي أقامتها الكويت في اليمن الديمقراطية حتى قيام الوحدة عام 1990م 174 مشروعاً، موّلتها وأشرفت عليها الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي.
العلاقة مع الكويت مربحة على الدوام
ويردف الرئيس ناصر ويقول :" والملاحظة التي يمكن أن أبديها، أن العلاقات مع دولة الكويت كانت مريحة على الدوام، بالرغم مما كانت تتعرض له الكويت من ضغوطات من جيرانها الأقوياء لتخفيف حجم علاقاتها باليمن الديمقراطية المصنفة إقليمياً أنها دولة «شيوعية». لكن المسؤولين الكويتيين كانوا لا يلتفتون إلى هذا الطلب، وأحياناً كانوا يدعمون توجههم، قائلين «لو تركنا عدن بلا دعم فإن ذلك كفيل بارتمائها أكثر في أحضان موسكو والصين!»، وهذا ما شجع دولاً أخرى في الخليج على إقامة علاقات طيبة معنا فيما بعد، كدولة الإمارات العربية المتحدة والسعودية وبقية دول الخليج...
معاهدة وقلق
المرة الأولى، التي أثرنا فيها قلق الكويتيين، كانت في نهاية عام 1979 م عندما وقعنا معاهدة الصداقة والتعاون اليمنية السوفياتية في موسكو، ووقعها عن البلدين كل من الرئيس عبد الفتاح إسماعيل والزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف.
بالنظر إلى الحساسية التي أثارتها هذه المعاهدة، حيث عدّتها دول المنطقة خطراً مباشراً عليها، فقد أوضحنا لإخوتنا الكويتيين عندما أثاروا معنا الموضوع أن المعاهدة لا تمسّ أمنهم ولا أمن المنطقة. وهو ذاته ما أكدناه للإخوة السعوديين. قلنا لهم: إن نصوص المعاهدة معلنة ومنشورة وليس فيها بنود سرية تستدعي تلك الضجة. وعندما أثارت صحيفة «السياسة الكويتية» تخوف دول المنطقة من المعاهدة، أشرت إلى أن الإمام يحيى ملك المملكة المتوكلية اليمنية وقّع اتفاقية مماثلة في عام 1928م مع الروس، وأن دولاً عربية أخرى سبقت اليمن الديمقراطية إلى توقيع اتفاقيات مماثلة، في إشارة إلى تلك الاتفاقيات التي وقعتها مع الاتحاد السوفياتي كل من مصر والعراق، وأكدت أن اليمن الديمقراطية تنطلق في سياستها الخارجية من العلاقات الطبيعية والمتكافئة فيما بين الدول، وتقف ضد القواعد الحربية الاستعمارية والأحلاف العسكرية الإمبريالية، وكذا المحاور المشتبه فيها، ونحرص على أن يكون الخليج العربي والبحر الأحمر والقرن الإفريقي والمحيط الهندي من المواقع الآمنة في العالم.
عدن الغد