قاض يتحول الى بائع ايسكريم في عدن ويصدر موقف صادم بشان حوش النقل البري

كريتر سكاي/خاص:

كتب /محمد اليونسي

والله العظيم إنني مصدوم مرتين!

تخيلوا أن لدي صديق عزيز في هذه الصفحة، وهو بالمناسبة أحد المناضلين الكبار في الحراك الجنوبي، ليس منذ الأمس، ولا حتى منذ عشر سنوات، بل منذ ما قبل 2007. رجل له تاريخ طويل من النضال، بكتاباته القوية ومشاركاته الميدانية، وهو أيضا قاضٍ متقاعد، عُرف بنزاهته واستقامته، نظيف اليد والضمير، والكل يشهد له بذلك.

لكن الصدمة الأولى كانت قبل خمسة أشهر تقريبا…

عندما كنت مارّا بسيارتي في كورنيش ساحل أبين، وفجأة لمحته يجر عربة بيع آيسكريم صغيرة! ظننت للحظة أنني أخطأت، ربما مجرد تشابه، أو أنني شبهت عليه. لكن قلبي ما خلاني أكون في حيرة، فدفعني ذلك لسؤال أحد الأصدقاء عنه للتأكد… وهنا كانت الصدمة الحقيقية!

نعم، هو نفسه، بلحمه وشحمه، قاضي المحكمة المتقاعد والمناضل الكبير، أصبح يجر عربة ويبيع الآيسكريم على الرصيف وبين المارة! ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل جاءه أحد الضباط وصادر العربة، ورميها في #الحوش حقه، ولم يتمكن من استعادتها رغم كبر سنه وتاريخه ونضاله وتوسلاته له، إلا بعد أن دفع ما يوازي نصف سعرها! وقالوا له: "لا تكررها، لا تتجرأ تبيع هنا بدون ترخيص رسمي من المحافظ والمأمور، ويمكن ترخيص من الاستثمار…" ولم يتركوه لحاله، كل يوم وهم يلاحقونه كأنه مجرم، وليس إنسان عزيز  يبحث عن رزقه بالحلال!

لكن الصدمة الأكبر لم تكن فقط في كيف انتهى حال كادر جنوبي نزيه وكبير على الرصيف، خلف عربة آيسكريم متواضعة… بل في تعليقه هنا عن فساد "حوش النقل" في عدن! كان يتحدث وكأنه خارج دائرة المأساة، متحفظا بحذر، قائلا: " لا داعي للكلام  العام لا بد من أدلة قاطعة وملف متكامل عن الفساد، وإلا فإنك يا محمد قد تتعرض للمسائلة القانونية.."

وكأن من ينهب الملايين يحتاج إلى "ملف متكامل" يا صديقي بينما من يبيع آيسكريم يحتاج فقط إلى "نقطة تفتيش" تصادر رزقه بحجة عدم وجود ترخيص..! وكأن الفساد لا يُلمس إلا إذا كان موثقا بتقارير رسمية وأختام حكومية، بينما سحق الكادحين وامتهان كرامتهم لا يحتاج سوى إلى مزاج ضابط يدور حق القات..!

قهر والله